وافقت حكومات الاتحاد الأوروبي على حظر واردات النفط السوري في خطوة لتشديد الضغوط الاقتصادية على الرئيس بشار الأسد وحكومته.
ويمثل الحظر النفطي خطوة مهمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي اتبع حتى الآن أسلوباً تصاعدياً في العقوبات ضد الأسد في محاولة لإجباره على إنهاء حملته على محتجين مناهضين لحكمه.
وشمل القرار كذلك توسيع قائمة الكيانات الخاضعة لحظر السفر وتجميد الأصول بإضافة سبعة أسماء جديدة منها أربعة أفراد.
وقال مسؤول من الاتحاد الاوروبي لوكالة "رويترز" إنه "تم الاتفاق على العقوبات، حظروا تصدير النفط الخام السوري للاتحاد الأوروبي، وشملت العقوبات أربعة أفراد آخرين وثلاثة كيانات".
مصالح الشركات مع النظام
وتراهن شركات النفط الأوروبية على بقاء الرئيس بشار الأسد في سوريا في تناقض صارخ مع موقفها المؤيد للمعارضة الليبية قبل ستة أشهر، وذلك رغم أنه من المتوقع أن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات نفطية على دمشق قريباً.
وتبحر عدة ناقلات إلى سوريا هذا الأسبوع أما لتسليم الوقود أو لتحميل النفط الخام، وهو ما قد يشير إلى أن شركات النفط تعتقد أن المعارضة في سوريا ستفشل في الإطاحة بحكم الأسد.
وراهنت الشركات نفسها ومنها "فيتول" ومقرها سويسرا على العكس فيما يتعلق بالتجارة مع ليبيا. فوافقت على إمداد المعارضين للعقيد الليبي معمر القذافي بالوقود على أمل أن تكافأ على مساندتها بعد انتهاء الحرب.
وقال مصدر دبلوماسي غربي: "ما تفعله شركات النفط الآن يدل على أنها تعتقد أن الأسد سيفوز وأنها ستتعامل معه مرة أخرى".
وأضاف أن "الاختلاف الكبير الذي تراه جميع هذه الشركات فيما يتعلق بليبيا هو أن في سوريا ليس هناك مكان تتجمع فيه المعارضة مثلما كان الحال في بنغازي".
لكن محللين آخرين يشكون في إمكانية بقاء الأسد ويشيرون إلى أن شركات النفط لها مصلحة مع النظام الحالي الذي وفر لها ظروفاً تشغيلية مواتية.
وقالت مؤسسة "اكسكلوسيف اناليسيس"، المتخصصة في تحليل المخاطر، إنه "من المستبعد جداً أن يصمد النظام. السؤال هو ما حجم الضرر الذي سيلحق بالبلاد".
وأظهرت معلومات رصد السفن بالأقمار الصناعية يوم الاربعاء أن شركة "رويال داتش شل" استأجرت الناقلة "نفرلاند ستار" للتوجه إلى ميناء بانياس السوري لتحميل كميات من الخام في مطلع الأسبوع المقبل. لكن "شل" رفضت التعليق بشأن ما اذا كانت خطة التحميل قائمة.
وتدير الشركة مشروعاً مشتركاً مع شركة النفط الحكومية السورية وشركة صينية هندية لإنتاج الخام السوري الخفيف. وقال متعاملون إنه من المرجح تحميل الناقلة بكميات من حصة شل في المشروع.
وترى مصادر من قطاع النفط أنه حتى إذا حظر الاتحاد الاوروبي صادرات النفط من سوريا هذا الأسبوع ستواصل "شل" العمل داخل حدود البلاد. وستبقي على ذلك حتى يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الشركات التي تتعامل مع الشركات السورية، وهو ما يبدو احتمالاً أبعد حتى الآن.
وكان من المقرر أن تورد "فيتول"، التي لعبت دوراً رئيسياً في جهود الحرب في ليبيا، 70 الف طن من السولار إلى بانياس أمس الخميس ما يشير الى أن لديها خطة مختلفة فيما يتعلق بسوريا.
ووصلت ناقلة ثالثة هي "التيسي" إلى الميناء السوري قادمة من مدينة نابولي الايطالية، وهو آخر مكان تم رصدها فيه يوم الخميس بحسب معلومات الأقمار الصناعية.
ولم يتضح إن كانت الناقلة التي تبلغ سعتها 70 الف طن ستسلم شحنة أم سيتم تحميلها في بانياس، لكن من المتوقع وصول شحنتين على الأقل من البنزين إلى سوريا في أوائل سبتمبر/أيلول من "فيتول" و"ترافيجورا".
وقالت شركة "ايه.بي مولر ميرسك" الدنماركية الأسبوع الماضي إنها ألغت اتفاقاً لتحميل النفتا في سوريا بسبب عقوبات أمريكية.
تأثير طفيف على الأسواق
ولم يكن للعقوبات التي تلوح في الأفق أثر يذكر على أسواق النفط حتى الان، إذ إن صادرات سوريا البالغة 150 ألف برميل يومياً ووارداتها من المنتجات النفطية لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من شحنات ليبيا قبل الحرب والتي هز انقطاعها السوق قبل ستة أشهر.
وفشلت احتجاجات مستمرة منذ خمسة أشهر في الإطاحة بالأسد الذي ورث السلطة عن والده ويحتفظ بولاء القوات المسلحة المشكلة أساساً من أفراد الطائفة العلوية التي تمثل الأقلية في سوريا وهي الطائفة التي ينتمي لها الرئيس.
ويقول المحللون إن فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات أوسع نطاقاً على التجارة لن يشل بالضرورة الاقتصاد السوري.
وأشار المحلل لدى مجموعة يوراسيا أيهم كامل إلى أن "العقوبات مهمة بالتأكيد لكنها لن تؤدي إلى إفلاس النظام." وأضاف أن عقوبات الاتحاد الأوروبي من المرجح أن تكون جزءا من جولة أولى يمكن توسيعها إذا تصاعد العنف في سوريا.
وتابع أن "العقوبات فقط على واردات النفط إلى الاتحاد الأوروبي ولا تستهدف الشركات العاملة في سوريا، الاتحاد الأوروبي قلق بشأن حزمة عقوبات واحدة ومن المرجح أن ينتهج أسلوباً تصاعدياً يواكب تصاعد العنف في سوريا".
ولكن حتى مع احتمال فرض عقوبات أوسع نطاقاً على قطاع النفط في سوريا فليس من المتوقع أن يسارع الاتحاد الأوروبي بإجراءات بالغة الصرامة.