شهدت مدينة حمص السورية، أمس، أعنف قصف بالرشاشات منذ اندلاع الثورة المطالبة بالإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، منتصف مارس (آذار) الماضي، مما أسفر عن وقوع عدد من القتلى، كما لقي عدد من السوريين حتفهم برصاص الأمن في مناطق أخرى من البلاد، وجاءت هذه التطورات غداة مقتل 34 سوريا، أغلبهم خلال اشتباكات بين منشقين وعناصر الجيش والأمن.
ومن جهتها، دعت مستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان، تركيا إلى عدم «تأجيج» الاضطرابات في البلاد، مؤكدة أن «عصابات مسلحة» هي التي تقف وراء العنف في سوريا.
وصرحت شعبان للصحافيين في كوالالمبور بأن «عصابات مسلحة» هي التي تقف وراء العنف في سوريا.
وأضافت: «لقد كانت بيننا (وبين تركيا) أفضل العلاقات، كما تعلمون، ولذلك فإننا نتوقع من تركيا أن تدعم مسيرة التعددية والديمقراطية في سوريا، بدلا من أن تصدر تصريحات تساعد في تأجيج الوضع في سوريا، ودعم الجماعات المسلحة هناك».
وتقوم المسؤولة السورية بجولة في ماليزيا وإندونيسيا، الدولتين المسلمتين الكبيرتين في جنوب شرقي آسيا، للحصول على الدعم الدولي لنظام الأسد. وترتبط كوالالمبور بعلاقات قوية مع نظام الأسد؛ إذ يدرس نحو 220 طالبا ماليزيا في سوريا. والدولتان عضوان في منظمة التعاون الإسلامي.
إلا أن تركيا، التي كانت حليفة سابقة للأسد، واصلت الضغط على دمشق عن طريق استضافتها مؤتمرات للمعارضة السورية، ودعوتها المتكررة للنظام السوري إلى تطبيق إصلاحات.
وأعربت أنقرة عن خيبة أملها لعدم استجابة الأسد لمطالب الشعب السوري، بعد أن أدت حملة قمع المظاهرات إلى مقتل نحو 3000 شخص، طبقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
وقالت بثينة شعبان إن «بعض الدول» تقوم بتسليح وتمويل الجماعات المسلحة لزرع العنف الطائفي، بهدف تقسيم البلاد، وأضافت أن «المشكلة التي نواجهها هو أن هناك أطرافا أخرى تمول وتسلح جماعات في سوريا، وتشجع العنف الطائفي.. في محاولة لتمزيق البلاد».
وميدانيا، شهدت مدينة حمص، وسط البلاد «أعنف قصف بالرشاشات الثقيلة يشهده حي باب السباع منذ بدء الثورة»، حسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أكد «استشهاد مواطن وجرح خمسة في الحي المحاصر»، مضيفا: «كما سُمع صوت إطلاق رصاص كثيف في حي الغوطة بالقرب من فرع أمن الدولة، وقرب جامع خالد بن الوليد، وسمعت أصوات انفجارات وإطلاق رصاص كثيف قرب فرع المخابرات الجوية» في المدينة.
وأضاف المرصد: «كما قتل اليوم (أمس) شاب من اللاذقية، إثر إطلاق رصاص في قرية عين البيضا، التابعة لجسر الشغور، أثناء محاولته عبور الشريط الحدودي إلى تركيا».
كما نقل المرصد عن ناشط في محافظة إدلب (شمال غرب) أن «مسلحين مجهولين اغتالوا أمين فرقة مدينة سرمين لحزب البعث العربي الاشتراكي (الحاكم) محمد بنشي».
من جهتها، تحدثت لجان التنسيق المحلية في سوريا في بيان عن الوضع في مدينة حمص، موضحة أن «عدد شهدائها بلغ ثلث عدد شهداء الثورة، وشهدت الأيام القليلة الماضية تصعيدا كبيرا»، معتبرة «الهجمة الشرسة التي تتعرض لها محافظة حمص محاولة يائسة جديدة من قبل النظام لتركيع أحرارها وإخماد الثورة فيها».
وذكر بيان اللجان أن «أحياء المدينة (حمص) عاشت الأحد (أول من أمس) أجواء حرب حقيقية دوت في جميع أنحائها أصوات الانفجارات (...)، في ظل إطلاق نار كثيف من مختلف الأسلحة الرشاشة ومضادات الطائرات، ودمرت أجزاء من بيوت كثيرة، مما أسفر عن سقوط تسعة شهداء وعشرات الجرحى حالة الكثير منهم خطيرة».
من جهته، أشار المرصد إلى «تعرض متاجر للتكسير والحرق وتحطيم الكثير من سيارات المواطنين في حي باب السباع»، لافتا إلى «استمرار الحملة الأمنية بشكل كثيف في معظم أحياء حمص».
وأوضح أن «حي الخالدية شهد صباح اليوم (أمس) حملة اعتقالات ومداهمات واسعة بحثا عن مطلوبين للأجهزة الأمنية أسفرت عن اعتقال 27 شخصا»، ولفت إلى «انتشار الحواجز بشكل كبير على مداخل أحياء البياضة والقصور والخالدية، وقطعت الاتصالات عن قسم كبير من المدينة صباح اليوم (أمس)».
ويأتي ذلك غداة مقتل 31 شخصا، بينهم 14 مدنيا و17 من أفراد الجيش وقوى الأمن النظامية في عدد من المدن السورية. وقال المرصد السوري إن 31 شخصا على الأقل قتلوا في أنحاء سوريا في أحدث موجة من العنف، خاصة الاشتباكات بين مسلحين، يعتقد أنهم من المنشقين عن الجيش والقوات الموالية للأسد.
وأضاف أن القتلى الذين سقطوا الأحد بينهم 17 من أفراد الجيش وقوات الأمن بالإضافة إلى 14 مدنيا، كثير منهم في مدينة حمص، حيث سمعت أصوات إطلاق نار كثيف في وقت مبكر صباح أمس.
وقال المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له إن من يشتبه أنهم منشقون عن الجيش قتلوا ثمانية جنود في هجمات متزامنة، استهدفت ثلاث نقاط تابعة للجيش في محافظة إدلب بشمال البلاد.
وأضاف أنه في مدينة حمص قتل سبعة مدنيين بالرصاص وقتل ثمانية آخرون لاحقا في اشتباكات بين القوات ومنشقين مشتبه بهم.
وتابع أن نيران الرشاشات الثقيلة التي أطلقت الليلة الماضية وصباح أمس دمرت جزئيا ما لا يقل عن خمسة منازل، في حي باب السباع بالمدينة، في حين داهمت قوات الأمن في حي الخالدية المنازل واعتقلت 27 شخصا.
إلى ذلك، حذر مفتي سوريا، أحمد بدر الدين حسون، الغرب من الاعتداء على بلاده، وتوعدهم بالرد عبر عمليات «استشهادية»، متهما «الصهيونية» ببث الفتنة في المنطقة.
وقال المفتي في شريط فيديو بثه موقع «يوتيوب»، خلال استقباله لوفد لبناني: «يا أبناء لبنان، أمامكم معركة قريبة، فإن لم يستطيعوا أن ينتصروا في سوريا، فسيشعلونها في لبنان لكنكم ستنتصرون عليهم مرة أخرى كما انتصرتم عليهم بالأمس».