قبل أربعة أيام من انعقاد اجتماع لجنة المتابعة العربية يليه اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، دعت باريس إلى «تقويم واضح» لمهمة بعثة المراقبين العرب في سوريا وللنتائج التي حققتها.
وكشفت مصادر فرنسية رسمية لـ«الشرق الأوسط» عن أن وزير الخارجية، ألان جوبيه، اتصل بأمين عام الجامعة العربية، نبيل العربي، قبل أيام، وطالبه بأن تعمد الجامعة إلى تقديم أجوبة واضحة عن الأسئلة المطروحة عما حققته بعثة المراقبين العرب في سوريا، حيث بدأت مهمتها في 26 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لجهة وقف العنف والقمع، وما تحقق حتى الآن من الخطة العربية. كذلك حث جوبيه العربي على العمل على تقوية البعثة العربية وتمكينها من الاستعانة بخبراء الأمم المتحدة. أما النقطة الثالثة التي عرضها الوزير الفرنسي فتتمثل في دعوة العربي إلى الذهاب إلى نيويورك وعرض محصلة النتائج على «.
وقالت المصادر الفرنسية إن مهمة بعثة المراقبين «لا يمكن أن تبقى على ما هي عليه إلى الأبد، فإما أن تقوى بعناصر أممية لتصبح فاعلة حقيقة على الأرض ليتوقف القتل والعنف، وإما يتعين استخلاص النتائج مما فعلته، وخصوصا مما لم تفعله، ويصار بالتالي إلى سحبها والتفتيش عن بديل منها».
وتعول باريس كثيرا على دور الجامعة العربية وعلى تقريرها وما يمكن أن يصدر عن اجتماعها. وفي إطار الوضع الحالي ميدانيا ودبلوماسيا، تعتبر فرنسا أن «موقفا واضحا من الجامعة هو الكفيل وحده، في الوقت الحاضر، بإحداث تغيير ما في مسار الأحداث، بما في ذلك التأثير على الموقف الروسي» المعارض، حتى الآن، لأي دور لمجلس الأمن في الموضوع السوري.
ووفق النظرة الفرنسية، فإنه «سيكون من الصعب على روسيا أن تستمر في المعارضة داخل مجلس الأمن، وأن تهدد باللجوء إلى حق النقض (الفيتو) إذا قالت الجامعة العربية إنها لم تعد قادرة على معالجة الملف السوري وحدها»، من غير أن يكون ذلك أبدا دعوة للتدخل العسكري.
وتبدي باريس قلقها من الوضع الإنساني في الكثير من المدن السورية، وهي ترى أنه يتعين على الجامعة العربية أولا وعلى مجلس الأمن الدولي ثانيا أن يأخذا بعين الاعتبار هذا الجانب من الوضع السوري. وسبق للوزير الفرنسي أن اقترح إقامة «ممرات آمنة» لإيصال المؤن والحاجيات الأساسية إلى المدنيين في المناطق التي تتعرض للحصار.
أما بخصوص ما اقترحه أمير قطر، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، من إرسال جنود عرب إلى سوريا في مهمة حفظ السلام، فإن باريس، على ما يبدو، لا ترغب في الوقت الحاضر في اتخاذ موقف، وهي تترك للجامعة العربية أمر مناقشته واتخاذ الموقف المناسب، لكن المصادر الفرنسية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الخيار العسكري في سوريا غير مطروح فرنسيا»، ورجحت أن يكون «الممكن» في الوقت الحاضر هو تطعيم بعثة المراقبة العربية بعناصر من الأمم المتحدة لزيادة حضورها وفاعليتها وصدقيتها. غير أن هذا الأمر يفترض موافقة مجلس الأمن الدولي، ما يعني العودة إلى مواقف موسكو ومدى استعدادها للسير في اقتراح تعرضه الجامعة العربية في حال خلصت إلى اعتبار أنها «عاجزة» عن إيجاد حلول للوضع السوري.
وأمس، نددت باريس بقيام إيران بإرسال أسلحة إلى سوريا. وقال الناطق المساعد باسم وزارة الخارجية، رومان نادال، إن لجنة من الخبراء المولجة متابعة ملف السلاح الإيراني رصدت وتأكدت من عدة حالات انتهكت فيها طهران القرارين 1747 و1929، اللذين يمنعانها من تصدير السلاح أو تلقي السلاح من الخارج. واعتبرت الخارجية، ردا على سؤال عن معلومات أميركية تؤكد أن طهران تقدم أسلحة لسوريا، أن شحنات الأسلحة «الإيرانية» «غير مشروعة وتصدمنا عميقا لأنها تفيد نظاما اختار طريق القمع»، وهو ما وصفته الأمم المتحدة «مرارا» بأنه «جرائم ضد الإنسانية». وأضاف نادال: «إننا ندين هذه الانتهاكات وندعو إيران وسوريا إلى احترام قرارات مجلس الأمن احتراما كاملا». وينتظر أن يكون الملف السوري على طاولة مباحثات وزراء الخارجية الأوروبيين خلال اجتماعهم المقبل في بروكسل إلى جانب الملف الإيراني. ومن المنتظر أن يقر الوزراء الأوروبيون سلتين من العقوبات، تتناول الأولى فرض حظر أوروبي على شراء النفط الإيراني، فيما الثانية تجمد ودائع البنك المركزي الإيراني في المصارف والمؤسسات المالية الأوروبية. وبحسب المصادر الفرنسية، فإن الوزراء الأوروبيين سيدرسون فرض عقوبات إضافية على سوريا تتناول مجموعة جديدة من الأشخاص والشركات السورية أو المتعاملة مع سوريا على غرار ما أقره الأوروبيون من عقوبات سابقة. وتعتبر المصادر الفرنسية أن العقوبات أخذت تعطي نتائج لا تظهر فقط على المستوى الاقتصادي، ولكن أيضا على مستوى دعائم النظام، حيث بدأ بعضها بالمبادرة إلى الاتصال مع جهات خارجية لجس النبض ومعرفة كيفية التعامل معه في حال ابتعدت عن النظام.
وتندرج العقوبات الجديدة في سياق الضغوط المستمرة التي يمارسها الأوروبيون، والغربيون بشكل عام، على سوريا، وهي تسير في خط متواز مع مساعي باريس لتقوية المعارضة السورية،