أفرجت السلطات السورية أمس عن الشيخ نواف البشير، رئيس مشايخ عشائر البكارة في دير الزور، التي يتجاوز عدد المنتمين إليها في سوريا وحدها المليون نسمة، في خطوة أثارت الكثير من التساؤلات لدى الناشطين السوريين، لناحية توقيتها والهدف منها. وتزامن ذلك مع إعلان تركيا عن إدانتها لاغتيال القيادي الكردي مشعل تمو، محذرة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد من أن ممارسات القمع العنيف للمعارضة «لا يمكن أن تغير مسار التاريخ».
وجاء خبر الإفراج عن البشير بعد أيام على شيوع أنباء عن وفاته تحت التعذيب في السجن، وغداة مقتل المعارض الكردي تمو، وما أثاره من موجة احتجاجات وغضب عمت الكثير من المدن السورية، وفي صفوف الناشطين، لا سيما الأكراد منهم. وكان للبشير، الذي اعتقل في 31 يوليو (تموز) الماضي، مواقف داعمة للمتظاهرين منذ بداية الانتفاضة في سوريا، وقد ظهر في الكثير من مقاطع الفيديو وهو يخطب في جموع المتظاهرين، فضلا عن إطلالات عدة عبر شاشات الفضائيات العربية. ويعرف البشير، الذي يتمتع بشعبية واسعة في دير الزور حيث يترأس أكبر قبائلها، بمعارضته لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، على الرغم من أنه كان منضويا في إطار مؤسساته (حزب الوحدويين الاشتراكيين ومجلس الشعب) حتى عام 1993. وعلى الرغم من عدم نجاحه في عضوية مجلس الشعب في دورتين انتخابيتين بعد خلافه مع النظام، فإن الأرقام المسجلة في صناديق الانتخاب عكست الشعبية التي يتمتع بها البشير في محافظة دير الزور تحديدا. وفي حين كان الآلاف من السوريين تظاهروا في السابع والعشرين من الشهر الماضي تحت عنوان «ثلاثاء الشيخ نواف البشير»، فقد أثار خبر الإفراج عنه الكثير من ردود الفعل في صفوف الناشطين على مواقع الإنترنت والصفحات الخاصة بالمعارضة السورية. وإلى جانب تهليلهم بخبر الإفراج عن البشير وإشادتهم به، مطالبين بانضمامه إلى المجلس الوطني السوري، ربط الناشطون بين الغضب الذي أثاره مقتل تمو في الشارع وبين الإفراج عن البشير (شيخ مشايخ سوريا)، معتبرين أن «النظام يحاول التخفيف من حدة احتقان الشارع السوري»، على حد تعبير أحدهم. وفيما وصفت صفحة «حملة دعم الشيخ نواف بن راغب البشير» على «فيس بوك»، البشير بأنه «الرجل الذي لا يلين في وجه الظلم والذي لم يستكن لهذا النظام الأعوج الأخرق»، ودعت كل «بكّاري حر إلى الالتفاف حول زعيمهم وحمايته وحراسته من قطعان النظام والوقوف خلفه كالجبال»، هنأت صفحة «الثورة السورية» عشيرة البكارة وعموم العشيرة السورية بهذا الرجل الحقيقي. ونوهت «برفضه كل مساومات العصابة، وصموده لمدة 69 يوما قضاها في الاعتقال، فلم يهن أمام قهرهم، ولم يضعف أمام إغرائهم». وأمل أحد الناشطين السوريين باسم وهمي أن ينضم البشير للمجلس الوطني، وقال: «أمس (الأول) تعرض المعارض رياض سيف للضرب وقتل المعارض مشعل تمو واليوم (أمس) أخرجوا نواف البشير ليساومونا، كلا وألف كلا». واتهم ناشط يدعى مأمون، النظام بـ«ذر الرماد في العيون حتى يعطي للحدث، أي لإفراجه عن البشير، زخما إعلاميا وإلهاء الشعب عن جريمته القذرة بقتل المعارض الكردي مشعل تمو»، لافتا إلى أن «هذه الحيلة لن تنطلي على الشعب السوري الحر». وطالب عاصي البشير بأخذ الحيطة والحذر، ولفت إلى أنه «من خلال تجربة سبعة أشهر من الثورة، أصبحنا حافظين للنظام صما، فإطلاق سراح المناضل نواف هو للتغطية على اغتيال الشهيد مشعل وتصفية الشيخ نواف».
وفي الإطار عينه، حذر ناشط آخر يدعى مازن «الجميع من غدر النظام المجرم الذي ربما يخطط لمسرحية الإفراج كي يقوم بتصفية الشيخ خارج السجن حتى يجنب نفسه عواقب تصفيته داخل السجن». وسأل ناشط آخر باسم «سوري حر»: «ما معنى أن يفرج النظام عنه الآن»، موضحا أن «الجواب حتى لا تشتعل المنطقة الشرقية برمتها». وأكد ناشط سوري أنه «لم يفرج عن الشيخ البشير إلا خوفا من ثورة القبائل مع إخواننا الكرد وخاصة بعد اغتيال الشهيد مشعل تمو»، واصفا ما حصل بأنه «ورقة يرميها النظام ويظن أنها ستكسبه الجولة وتجنبه خسارة اللعبة.. ولكن هيهات أن تنطلي علينا هذه الخطط المكشوفة لنظام غبي مكشوف لكل الناس في الداخل والخارج». إلى ذلك، أدانت تركيا قتل تمو وحذرت حكومة الأسد من أن ممارسات القمع العنيف للمعارضة «لا يمكن أن تغير مسار التاريخ».
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان نشر في موقعها على الإنترنت في وقت متأخر من مساء أول من أمس «نشعر بحزن بالغ تجاه عملية الاغتيال البغيضة لمشعل تمو زعيم تيار المستقبل الكردي السوري».
كما انتقدت تركيا هجوما استهدف رياض سيف وهو زعيم سوري معارض بارز آخر. ووضع نشطاء سوريون لقطات على موقع «يوتيوب» تظهر ضرب النائب السابق أمام مسجد في دمشق، حسبما أوردته وكالة «رويترز». وقالت الوزارة «تتوقع تركيا من الإدارة السورية أن تدرك في أسرع وقت ممكن أن ممارسات العنف التي تهدف إلى قمع المعارضة في سوريا لا يمكن أن تغير مسار التاريخ». وبعد أن عززت تركيا علاقاتها مع سوريا لعدة سنوات أدانت بشدة هذا العام قمع الاحتجاجات السلمية خشية انتقال العنف في سوريا عبر حدودها إذا أخذ بعدا عرقيا أو طائفيا بدرجة أشد.
موضوع: النظام السوري يفرج عن الشيخ نواف البشير بعد أنباء عن وفاته تحت التعذيب منذ أيام 
الجمعة أكتوبر 14, 2011 12:48 am
