مع استعداد السوريين للخروج اليوم في مظاهرات جديدة في جمعة «أحرار الجيش» وفاء للعسكريين المنشقين، ودعوة للمترددين للانشقاق، وسع الجيش السوري حملته أمس ودخل مدينة في محافظة إدلب القريبة من الحدود مع تركيا، فيما اخترقت قوة سورية عسكرية الأراضي اللبنانية مرة أخرى.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن 14 شخصا قتلوا في إطلاق رصاص في بلدتين سوريتين أمس، وإن معظمهم سقطوا خلال اشتباكات بين القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد ومسلحين يعتقد أنهم منشقون عن الجيش. وقال المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا له، إن ستة جنود واثنين من المنشقين عن الجيش قتلوا في بلدة الحارة بجنوب سوريا بالإضافة إلى مدني.
وأضاف المرصد أنه في محافظة إدلب التي قامت قوات الأسد فيها بمداهمات للقبض على نشطاء ومنشقين عن الجيش ومسلحين قتل 7 مدنيين، بينهم طفل وطالبة جامعية، بعد أن اقتحمت قوات مدعومة بالمدرعات بلدة بنش وأطلقت نيران الأسلحة الآلية.
وقال الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إن أصوات نيران من أسلحة ثقيلة وأصوات انفجارات سمعت في مدينة بنش، وسط اقتحام قوات الجيش والأمن للمدينة بالتزامن مع قطع التيار الكهربي.
وأوضحت لجان التنسيق المحلية أن عناصر من الأمن والجيش والشبيحة تحكم الحصار على حي القرابيص بحمص وتنفذ حملة مداهمة وتفتيش للمنازل، كما شنت حملة اعتقالات واسعة في حي القصور طالت عشرات الشبان.
وأضافت أن القوات الموالية للنظام قامت الليلة قبل الماضية بحملة دهم واعتقال في أحياء بدمشق على خلفية المظاهرة المسائية المناهضة للنظام التي خرجت ردا على مظاهرة التأييد التي خرجت أول من أمس.
من جهتها، حذرت مصادر ميدانية في محافظة حمص من أن الجيش السوري «يفبرك أحداث انشقاقات في الجيش بغية إدخال عناصره إلى الأحياء العاصية على دخولها، وإلقاء القبض على ناشطين ضد النظام»، محذرة في الوقت نفسه من التعاون مع بعض المجموعات المنشقة التي «تدخل إلى أحياء يقطنها معارضون تمهيدا لإدخال القوى الأمنية إليها».
وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه «بعد شيوع أخبار الانشقاقات في الجيش، تعتمد قوى الأمن التابعة للنظام تكتيكا أمنيا جديدا، إذ توحي بأن مجموعات عسكرية انفصلت عن الجيش، واشتبكت مع القوات الأمنية، في خطوة لهروبها باتجاه الأحياء العاصية على دخول الجيش إليها»، مشيرة إلى أن تلك المجموعات «تهتم بجمع المعلومات عن المعارضين، وتمهّد عسكريا لدخول الجيش الذي يسهل عليه إلقاء القبض على المعارضين واعتقالهم، وتصفية بعضهم الآخر».
ولا تنفي المصادر أن تكون هناك انشقاقات حقيقية، «رغم وجود عمليات انشقاق مفبركة». وأضافت: «تلجأ القوى الأمنية إلى تمثيل الانشقاقات في بعض الأحيان، بغية استقطاب عطف الشعب السوري وإيواء العناصر الفارة». وتعتمد القوى الأمنية تلك التكتيكات «لتسهيل دخولها إلى بعض القرى والأحياء والمناطق، على غرار ما جرى في الرستن الأسبوع الماضي، حيث ساهم المنشقون المزعومون في تسهيل دخول الجيش السوري إلى الأحياء».
وأشارت المصادر إلى أن بعض القرى في محافظة حمص مثل تلبيسة، كما في محافظة حماه، «ما زالت عصية على دخول الجيش إليها، وتحسب القوى الأمنية ألف حساب قبل دخولها، لأن اقتحامها سيتسبب بموت مئات السكان المسالمين، ما يحرج النظام أمام المجتمع الدولي»، لافتة إلى أن بعض تلك القرى «عرفت تكتيكات الجيش، فرفضت إدخال حصان طروادة، أي المنشقين المزعومين إليها، ليتبين بعد ذلك أن تلك الانشقاقات لم تكن أكثر من تمثيل غير واقعي».
ولم تنكر المصادر عينها أن القوى الأمنية، وبغرض تحقيق مخططاتها، «تعمد إلى قتل بعض الجنود لإضفاء صورة حقيقية على التكتيك الأمني الذي تتبعه»، محذرة من «الثقة المطلقة بالمنشقين، وفتح أبواب الأحياء أمامهم، بعد أن انكشفت مخططات الأجهزة الأمنية التابعة للنظام».
وتشهد بلدات محافظة حمص، بحسب شهود عيان، وجودا كثيفا للقوى الأمنية والجيش وعناصر الاستخبارات والشبيحة منذ ثلاثة أشهر. وتعمد تلك العناصر التي تضيق الخناق على السكان إلى اعتقال معارضين وأقرباء لهم بهدف الضغط على المطلوبين لتسليم أنفسهم. كما رزحت المدينة القديمة تحت نيران المدافع والأسلحة الرشاشة المتوسطة، خلال الحملة العسكرية التي استهدفتها الأسبوع الماضي.
من جهة أخرى، تكرر الخرق السوري للأراضي اللبنانية في منطقة البقاع، وكان آخره اجتياز نحو العشرين جنديا سوريا غروب أول من أمس، الحدود اللبنانية لبضعة أمتار قبالة بلدة مجدل عنجر، من دون أن يقوموا بأي عمل عسكري أو أمني، واقتصرت مهمتهم على المراقبة بحسب أحد أبناء مجدل عنجر الذي شاهد عملية الخرق والتمركز هذه، والذي أشار إلى أن الجيش اللبناني هو من تولى هذه المرة المعالجة بشكل سريع. وأوضح مصدر في الجيش اللبناني، أن «الدخول السوري إلى هذه المنطقة كان محدودا». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجنود السوريين تمركزوا في منطقة متنازع عليها بين لبنان وسوريا، إذ إن هذه المنطقة وبحسب الخريطة السورية هي سورية، وبحسب الخريطة اللبنانية هي لبنانية، وهم دخلوها على أساس أنها أرضهم». وقال المصدر «لقد انتقلت دورية من الجيش اللبناني وتحدثت إلى القوة السورية المتمركزة قبالة مجدل عنجر، وأبلغناهم بأن هذه الأرض موضع نزاع، وكما أنه لا يحق للجيش اللبناني دخولها، فلا يحق لهم أيضا الدخول إليها والتمركز فيها، وبالفعل تفهم الجنود السوريون الأمر وانسحبوا على الفور». ولفت إلى أن «هناك تنسيقا قائما بين الجيشين اللبناني والسوري من ضمن الاتفاقيات الأمنية الموقعة بين البلدين، كما أن هناك لجانا مشتركة تعالج أي ثغرات تحصل على الحدود، وتتولى البت بالخلافات التي تطرأ وهذه اللجان تلتقي بشكل دوري وتعالج الكثير من الأمور».
وقالت مصادر ميدانية متابعة لموضوع الخروقات السورية لأراضٍ لبنانية في الشمال والبقاع، إن «فاعليات القرى والبلدات الحدودية تكثف اجتماعاتها مع مرجعيات أمنية وعسكرية لبنانية، بهدف التوصل إلى اتفاق لإقامة مراكز ثابتة للجيش اللبناني في هذه البلدات، لا سيما في وادي خالد وأكروم في شمال لبنان، وفي عرسال في البقاع ليضطلع الجيش بدوره في حماية المدنيين ومعالجة أي خرق مع الجهات السورية». وأشارت إلى أن «المواطنين يعولون على دور الجيش (اللبناني) لمعالجة أي خلل، والحؤول دون أي احتكاك بين الأهالي والجيش السوري أولا، ومنع تسلل مندسين مفترضين، ربما يتسببون في مشكلات أمنية على الحدود كما حصل في بعض المرات في الشمال».
إلى ذلك، عمم الناشطون من خلال صفحة «الثورة السورية ضد بشار الأسد 2011» عبر «فيس بوك» نص دعوة التظاهر اليوم الذي جاء فيه: «جمعة أحرار الجيش.. 14 تشرين الأول.. لأجل حماة الديار.. لا حماة بشار.. كونوا معنا.. في كل مكان..» وكان تم التوافق على تسمية يوم الجمعة بعد استفتاء شارك فيه الآلاف وتنافست فيه تسميات: «جمعة أحفاد صلاح الدين، جمعة طرد السفراء، جمعة الوحدة الوطنية، جمعة أنا مشروع شهيد..» وغيرها من التسميات. وقد تقدمت تسمية «جمعة أحرار الجيش» على غيرها من التسميات وبنسب كبيرة.
وترافقت هذا الأسبوع الدعوة لمظاهرات يوم الجمعة مع تعميم «نداء إلى جميع الأحرار من الجيش والشعب» بوجوب إغلاق عدد من الطرقات كنوع من العصيان المدني وللتخفيف عن المدن المحاصرة. وفي البيان الذي تم تداوله، دعوة لإغلاق طرقات: «إدلب: سراقب - معرة النعمان - خان شيخون وذلك في أي منطقة ممكنة. حماه: مورك - صوران، حمص: الرستن - تلبيسة مع العلم أن الطريق مغلق من قبل النظام، حمص: حسياء، ريف دمشق: النبك - دير عطية - قارة القطيفة».
كما دعا الناشطون لقطع الطرقات الفرعية التالية: «حماه: طريق حماه - سلمية لنصرة الرستن، حمص: طريق سلمية - حمص، حمص: الطريق الفرعي الواصل بين الرستن وطريق سلمية حمص».
وقد أورد الناشطون عددا من السبل لقطع الطرقات ومنها: «قطع الطريق بقطع خشبية فيها مسامير وبعض القطع المعدنية ورش المازوت، وحرق إطارات سيارات، واستخدام سيارات قديمة، وحاويات قمامة، وأحجار وأكياس تراب، وبطانيات مبلولة بالزيت وعليها تراب وجنازير لإعاقة حركة الدبابات. وقطع خطوط القطارات وتعطيل الجسور وحفر الطرقات ووضع الحجارة الكبيرة لمنع وصول الإمدادات العسكرية والأهم هو قطع طريق حلب - دمشق».