لم تعد تركيا التي وصلها مساء أمس المحطة الوحيدة لوزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه في تنقله الراهن إذ أضاف إليها في اللحظات الأخيرة جولة موسعة على 4 بلدان خليجية هي تباعا: الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر والكويت بحيث تمتد الزيارة من 19 إلى 22 الحالي. وكما في تركيا، فإن جوبيه سيتناول في العواصم الأربع، بشكل أساسي، الملف السوري وتتماته بعد قرارات الجامعة العربية التي جددت باريس أمس، على لسان الناطق باسمها، دعمها لها.
وقال برنار فاليرو، الناطق باسم الخارجية الفرنسية، في المؤتمر الصحافي الإلكتروني أمس، إن باريس «تدعم وبشكل كامل ومنذ الأساس، جهود الجامعة العربية لوقف القمع في سوريا»، كما أنها «ترحب بحس المسؤولية» الذي برهنت عنه الجامعة في اجتماعها في الرباط و«تساند من غير تحفظ» القرارات التي اتخذتها.
وتراهن باريس على التغيرات المتوقعة التي ستفضي إليها قرارات الجامعة إن بشأن تجميد عضوية سوريا في صفوفها أو فرض عقوبات اقتصادية عليها أو إرسال مراقبين إلى أراضيها في مهلة لا تتجاور الـ72 ساعة في حال قبلت سوريا العرض العربي.
ووصف جوبيه في حديث إذاعي صباح أمس قرارات الجامعة بأنها تشكل «نقطة تحول» في مسار الأزمة السورية، وفي المواقف العربية منها، منوها بالتعاون القائم بين باريس والعواصم العربية في الأمم المتحدة لاستصدار قرار يدين سوريا بسبب استمرار القمع.
وإزاء الدعوات لإقامة منطقة عازلة على الحدود السورية - التركية لتوفير الحماية للمدنيين السوريين، بدت باريس أمس «منفتحة»، إذ قالت الخارجية إن «كل التدابير الآيلة إلى توفير الحماية للمدنيين السوريين ضحايا قمع النظام الهمجي منذ شهور جديرة أن تدرس بعناية»، مضيفة أن جوبيه «سيتدارس مع المسؤولين الأتراك كل السبل الممكنة للتحرك» لوضع حد لقمع السلطة في سوريا.
غير أن باريس لم تحزم بعد أمرها لجهة الاعتراف بالمجلس الوطني السوري وهي بذلك تلتزم الموقف نفسه الذي التزمت به الجامعة العربية وكذلك تركيا. وحتى الآن، ورغم تأكيدات باريس أنها «تدعم وتساند» المعارضة السورية، فإنها تضع «شروطها» للاعتراف بالمجلس المذكور وأولها أن يعمد المجلس إلى «تنظيم» صفوفه وإلى «بلورة برنامج حكم» وفق ما قاله الوزير الفرنسي لـ«الشرق الأوسط» في مقابلة سابقة.
وسيكون الملف الإيراني على جدول مباحثات جوبيه في أنقرة وأبوظبي والرياض والدوحة والكويت بعد تقرير الوكالة الدولية للطاقة النووية الذي يفصل البراهين التي تدل على «عسكرة» البرنامج النووي الإيراني. وفي هذا السياق، كشف مصدر فرنسي رسمي رفيع المستوى عن أن باريس «لا تريد إعادة ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولي في الوقت الحاضر بسبب معارضة روسيا لأي قرار يفرض عقوبات جديدة على إيران»، وأن باريس «تفضل العمل في إطار الاتحاد الأوروبي وفي الإطار الثنائي» لتشديد العقوبات على طهران التي ترى فيها الوسيلة الأنجع لتفادي تفجر منطقة الخليج وربما ما هو أبعد منها إذا تم اللجوء إلى الخيار العسكري. وتحذر فرنسا من ضرب استقرار المنطقة وتهديد أمنها في حال عمدت إسرائيل، وحدها أو بدعم أميركي، إلى قصف المنشآت النووية الإيرانية.
وقالت مصدر رسمي فرنسي إن «ما هو متوافر في الوقت الحاضر لا يدفع إلى تقديم فرضية الضربة العسكرية عما كانت عليه قبل أشهر».